logo
shahid

ولادته

ولد العلامة السيد محمد تقي الخوئي (قده) في التاسع من محرم الحرام سنة 1378 هـ الموافق 27/7/1958 م،في النجف الأشرف مدينة العلم والخير والعطاء، حيث مثوى باب علم النبي(ص) الامام علي بن أبي طالب(ع)، في أسرة شريفة من سلاة النبي الكريم(ص)، ذو تاريخ علمي وفقهي طويل، غنية عن التعريف فقد نشأ في بيت الده وعني بتربيته الامام السيد ابوالقاسم الموسوي الخوئي(قده)، الذي أراد لولده أن يكون علما بارزا من أعلام الامة الاسلامية، حيث ترسم فيه الطموح وحب الخير والعلم والفضيلة، فمنحه الكثير من عطفه ورعايته وإرشاداته، كما منحه في ما بعد الكثير من ثقته، وهو مدرسته الاولى. وورث من والده العظيم النباهة والسؤدد، كما غذّته والدته الطاهرة من إخلاصها وورعها، فاجتمعت له الخصال الحميدة التي صنعت منه مثال الطالب المهذب المجد، ثم الاستاذ والعالم المجتهد الورع، ومن بعد ذلك رائدا للخدمات الاجتماعية والثقافية والخيرية، في زمن صعب كثر فيه المتقاعسون عن خدمة الجامعة العلمية الدينية في النجف الاشرف، وقل فيه المخلصون للدين وخدمة الناس والوطن.

دراسته

تلمذ الشهيد في مدارس النجف الاكاديمية، والتحق مبكرا بالحوزات العلمية الدينية، ونهل من المنبر الصافي في مدرسة " دار الحكمة " التي أنشئت بأمر المرجع الديني الراحل الامام الحكيم رضوان الله تعالى عليه، حيث توفرت فيها المكانة العلمية بوجود أساتذة بارعين، وأجواء التحصيل والدرس والتعلم، وتخرّج منها بتفوق ملتحقا بحلقات دروس السطوح في الحوزة، وتلمذ علي يد أساتذتها الافاضل، ومنهم سماحة المغفور له آية الله السيد عبد الصاحب الحكيم (قده) الذي خصه بوافر عنايته إذ وجد فيه الكفاءة والمواهب الخلاّقة، فانصقلت شخصيته العلمية توجيهاً وأداءً، حتى أكمل دروس المتون العليا، والتحق بحلقات بحوث والده في مسجد الخضراء، حيث كان الامام يلقي دروسه، فنهل من ذلك المنبع الفياض، وأخذ يدوّن محاضرات الوالد الاستاذ ويعرضها عليه ليبدي ملاحظاته عليها وسرعان ما عرف الطالب الجديد في تلك الاوساط، بجده واجتهاده، وتفوقه على أقرانه، وبمثابرته ودقته وتمحيصه في قبول الآراء أو ردّها، وظهرت قابلياته واشتهر صيته، حتى أصبح أستاذاً بارزاً يقصد مجلس درسه أعداد من أفاضل الطلبة للاستفادة منه، حيث بدء الشهيد بالقاء الدروس لطلاب مرحلة السطوح العليا في حوزة والده في مدرسة " دارالعلم ".

شهاداته العلمية

رغم كل تلك الظروف الصعبة والخطرة التي كان يعيشها العلامة الشهيد السيد محمد تقي في العراق، إلا أنه آثر البقاء الى جانب المرجع الأعلى والده مساهما في إدارة شؤون الحوزة العلمية وشؤون المؤسسات العلمية والخيرية التي أسسها الامام، مع متابعته الدؤوبة وجهده المتواصل لتنمية قابلياته العلمية، واستمراره في التحصيل والتعليم، متعلما ومعلما، مجدا مجتهدا، وقد نال شهادات علمية عظيمة من لدن والده الامام وآيات الله العظام في الحوزة العلمية في النجف الاشرف، كما يتبين ذلك مما جاء في تقريض وإجازات التالية.

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الانبياء ممد وآله الوصياء الميامين ما دامت السماوات والارضون، واللعن الدائم على أعدائهم شر الخلق أجمعين الى يوم يبعثون.أما بعد فان من منن الله تعالى على خلقه وسننه لعباده، أن إدّخر لهم بفضله مفاخر من ذوي النهى والفضيلة، يرشدونهم الى استكمال الرقى والحظوظ النبيلة، ما تعاقبوا في الحياة وتناوبوا في الدعوة الى سبل الحسنى والنجاة، الذين منهم العميد السعيد والشريف السديد ذو المفاخر العالية والمحاضر الغالية العلامة الهمام حجة الاسلام وسليل خير الانام الحاج السيد محمد تقي، أبو جواد الجاد، وأخو الاماثل الامجاد، فرخ نادرة الدهر وفرادة العصر في مجالات الفقه والاصول وزعامة الدين المقبول، آية الله العظمى السيد المسدد الخوئي طاب مثواه الزكي.لقد نشأ نشأته السامية ونهضته النامية، في رعاية أب كهذا العبقري والعلامة الأبي، حتى أدرك دورات من محاضراته العالية الغالية، الممنوحة لجامعة أفاضل الغري الثري، مضافة الى فوائد من نوادر بحوث أخرى بما هو بها حري، فسمع وجمع وحقق وطبع.و قد شهد بحفاوته لما سمع وحقق، ضمن تقريره المشوّق على تلك الزبر الرفيعة التي نشرت في الجامعة المنيعة، تفاد قي معاهد الدروس وتشاد في مشاهد البحوث، فيرجى من دعوات ذلك الاب البار به وبالشاغلين في الاقطار، أن يبلغ في الحماية وجلال الزعامة مبلغ الأب العبقري الامثل طاب ودام ذكره الافضل، لما فيه من النبوغ والجدارة وجموع الفضل والحضارة.و قد حسن ظنه بي، بأني أهل للشهادة بشيء غير خاف فيه، مما يحوزه من القريحة والافادة بالاستدلال والاجادة، مع إعتقادي على نفسي أني بعيد عن دون ذلك الواقع، فضلا عمّا ملاكه في المعاهد من صلوح بيّن للشاهد، ولكن هو دام علاه ممن لايخفى على من يناظره أو ينظر الى ما نشره من أهل الخبرة، أنه من ذوي القريحة العصماء التي يستفرغ منها الفروع من أصولها لذوي الآراء ويجتهدون.كما أنه دامت معالمه وفاضت مغانمه، رغب في أن أجيز له بالرواية عنّي ما صحت لي روايته من مشايخ الاجازة، كما هو الدأب في مدارج الافاضة، فقد أجزت له دام عمره وفيضه رواية ما تبركت بالاستجازة عنهم فأجازوني الذين منهمه الزعيم الاوحد أبوه آية الله العظمى وحجة الله الكبرى في الحياة وبعد الوفاة، منقّح أحوال الرواة في دورة من الاجزاء السميكة تسمى بـ ‘‘ معجم رجال الحديث ‘‘ أعطى أجره بغير حساب، وغيره ممن لي بهم الاستناد.و أوصيه وإن هو أرفع من أن أوصيه، لكن تبعا للماضين، أن يعتمد على التقوى والدعوة اليها، والأخذ بالاحتياط كما هو العامل والآخذ به، وأرجو له أن يصان من كل سوء وهوان بفضل ربنا المستعان، وأن لاينساني من صالح دعواته التي يذكر بها الاخوان طابت لهم وله ولنا الدنيا والاخرة، وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.حرره بيمناه العاثرة والداثرة، علي الحسيني المدعو »بهشتي« في الثالث والعشرين من ذي الحجة المباركة في النجف الاشرف، كما أرجو العفو عما غفلت، والسلام عليه وعلى والديه وذويه الاطايب أجمعين ورحمة الله وبركاته. النجف الاشرف 1413 هـ. العبد العاصي الراجي عفو ربه علي الحسيني البهشتي

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الانبياء ممد وآله الوصياء الميامين ما دامت السماوات والارضون، واللعن الدائم على أعدائهم شر الخلق أجمعين الى يوم يبعثون.أما بعد فان من منن الله تعالى على خلقه وسننه لعباده، أن إدّخر لهم بفضله مفاخر من ذوي النهى والفضيلة، يرشدونهم الى استكمال الرقى والحظوظ النبيلة، ما تعاقبوا في الحياة وتناوبوا في الدعوة الى سبل الحسنى والنجاة، الذين منهم العميد السعيد والشريف السديد ذو المفاخر العالية والمحاضر الغالية العلامة الهمام حجة الاسلام وسليل خير الانام الحاج السيد محمد تقي، أبو جواد الجاد، وأخو الاماثل الامجاد، فرخ نادرة الدهر وفرادة العصر في مجالات الفقه والاصول وزعامة الدين المقبول، آية الله العظمى السيد المسدد الخوئي طاب مثواه الزكي.لقد نشأ نشأته السامية ونهضته النامية، في رعاية أب كهذا العبقري والعلامة الأبي، حتى أدرك دورات من محاضراته العالية الغالية، الممنوحة لجامعة أفاضل الغري الثري، مضافة الى فوائد من نوادر بحوث أخرى بما هو بها حري، فسمع وجمع وحقق وطبع.و قد شهد بحفاوته لما سمع وحقق، ضمن تقريره المشوّق على تلك الزبر الرفيعة التي نشرت في الجامعة المنيعة، تفاد قي معاهد الدروس وتشاد في مشاهد البحوث، فيرجى من دعوات ذلك الاب البار به وبالشاغلين في الاقطار، أن يبلغ في الحماية وجلال الزعامة مبلغ الأب العبقري الامثل طاب ودام ذكره الافضل، لما فيه من النبوغ والجدارة وجموع الفضل والحضارة.و قد حسن ظنه بي، بأني أهل للشهادة بشيء غير خاف فيه، مما يحوزه من القريحة والافادة بالاستدلال والاجادة، مع إعتقادي على نفسي أني بعيد عن دون ذلك الواقع، فضلا عمّا ملاكه في المعاهد من صلوح بيّن للشاهد، ولكن هو دام علاه ممن لايخفى على من يناظره أو ينظر الى ما نشره من أهل الخبرة، أنه من ذوي القريحة العصماء التي يستفرغ منها الفروع من أصولها لذوي الآراء ويجتهدون.كما أنه دامت معالمه وفاضت مغانمه، رغب في أن أجيز له بالرواية عنّي ما صحت لي روايته من مشايخ الاجازة، كما هو الدأب في مدارج الافاضة، فقد أجزت له دام عمره وفيضه رواية ما تبركت بالاستجازة عنهم فأجازوني الذين منهمه الزعيم الاوحد أبوه آية الله العظمى وحجة الله الكبرى في الحياة وبعد الوفاة، منقّح أحوال الرواة في دورة من الاجزاء السميكة تسمى بـ ‘‘ معجم رجال الحديث ‘‘ أعطى أجره بغير حساب، وغيره ممن لي بهم الاستناد.و أوصيه وإن هو أرفع من أن أوصيه، لكن تبعا للماضين، أن يعتمد على التقوى والدعوة اليها، والأخذ بالاحتياط كما هو العامل والآخذ به، وأرجو له أن يصان من كل سوء وهوان بفضل ربنا المستعان، وأن لاينساني من صالح دعواته التي يذكر بها الاخوان طابت لهم وله ولنا الدنيا والاخرة، وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.حرره بيمناه العاثرة والداثرة، علي الحسيني المدعو »بهشتي« في الثالث والعشرين من ذي الحجة المباركة في النجف الاشرف، كما أرجو العفو عما غفلت، والسلام عليه وعلى والديه وذويه الاطايب أجمعين ورحمة الله وبركاته. النجف الاشرف 1413 هـ. العبد العاصي الراجي عفو ربه علي الحسيني البهشتي

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الانبياء ممد وآله الوصياء الميامين ما دامت السماوات والارضون، واللعن الدائم على أعدائهم شر الخلق أجمعين الى يوم يبعثون.أما بعد فان من منن الله تعالى على خلقه وسننه لعباده، أن إدّخر لهم بفضله مفاخر من ذوي النهى والفضيلة، يرشدونهم الى استكمال الرقى والحظوظ النبيلة، ما تعاقبوا في الحياة وتناوبوا في الدعوة الى سبل الحسنى والنجاة، الذين منهم العميد السعيد والشريف السديد ذو المفاخر العالية والمحاضر الغالية العلامة الهمام حجة الاسلام وسليل خير الانام الحاج السيد محمد تقي، أبو جواد الجاد، وأخو الاماثل الامجاد، فرخ نادرة الدهر وفرادة العصر في مجالات الفقه والاصول وزعامة الدين المقبول، آية الله العظمى السيد المسدد الخوئي طاب مثواه الزكي.لقد نشأ نشأته السامية ونهضته النامية، في رعاية أب كهذا العبقري والعلامة الأبي، حتى أدرك دورات من محاضراته العالية الغالية، الممنوحة لجامعة أفاضل الغري الثري، مضافة الى فوائد من نوادر بحوث أخرى بما هو بها حري، فسمع وجمع وحقق وطبع.و قد شهد بحفاوته لما سمع وحقق، ضمن تقريره المشوّق على تلك الزبر الرفيعة التي نشرت في الجامعة المنيعة، تفاد قي معاهد الدروس وتشاد في مشاهد البحوث، فيرجى من دعوات ذلك الاب البار به وبالشاغلين في الاقطار، أن يبلغ في الحماية وجلال الزعامة مبلغ الأب العبقري الامثل طاب ودام ذكره الافضل، لما فيه من النبوغ والجدارة وجموع الفضل والحضارة.و قد حسن ظنه بي، بأني أهل للشهادة بشيء غير خاف فيه، مما يحوزه من القريحة والافادة بالاستدلال والاجادة، مع إعتقادي على نفسي أني بعيد عن دون ذلك الواقع، فضلا عمّا ملاكه في المعاهد من صلوح بيّن للشاهد، ولكن هو دام علاه ممن لايخفى على من يناظره أو ينظر الى ما نشره من أهل الخبرة، أنه من ذوي القريحة العصماء التي يستفرغ منها الفروع من أصولها لذوي الآراء ويجتهدون.كما أنه دامت معالمه وفاضت مغانمه، رغب في أن أجيز له بالرواية عنّي ما صحت لي روايته من مشايخ الاجازة، كما هو الدأب في مدارج الافاضة، فقد أجزت له دام عمره وفيضه رواية ما تبركت بالاستجازة عنهم فأجازوني الذين منهمه الزعيم الاوحد أبوه آية الله العظمى وحجة الله الكبرى في الحياة وبعد الوفاة، منقّح أحوال الرواة في دورة من الاجزاء السميكة تسمى بـ ‘‘ معجم رجال الحديث ‘‘ أعطى أجره بغير حساب، وغيره ممن لي بهم الاستناد.و أوصيه وإن هو أرفع من أن أوصيه، لكن تبعا للماضين، أن يعتمد على التقوى والدعوة اليها، والأخذ بالاحتياط كما هو العامل والآخذ به، وأرجو له أن يصان من كل سوء وهوان بفضل ربنا المستعان، وأن لاينساني من صالح دعواته التي يذكر بها الاخوان طابت لهم وله ولنا الدنيا والاخرة، وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.حرره بيمناه العاثرة والداثرة، علي الحسيني المدعو »بهشتي« في الثالث والعشرين من ذي الحجة المباركة في النجف الاشرف، كما أرجو العفو عما غفلت، والسلام عليه وعلى والديه وذويه الاطايب أجمعين ورحمة الله وبركاته. النجف الاشرف 1413 هـ. العبد العاصي الراجي عفو ربه علي الحسيني البهشتي

نماذج من تدريس الشهيد

test sound

00:00

مؤلفاته

ألف الشهيد في الحقول المختلفة من المعارف الاسلامية كتبا عدة، وقد طبعت بعضا منها تقريراً وشروحاً لمحاضرات والده الامام في سلسلة كتب " مباني العروة الوثقى " في النجف الأشرف عام 1984 م، وهي كتاب النكاح والمساقاة، والمضاربة، كما صدر له كتاب " الشروط والالتزامات التبعية في العقود " ثلاثة أجزاء في مجلدين عن دار المؤرخ العربي في بيروت 1993 م، وقد طبع له بعد استشهاده رحمه الله تعالي، كتاب في تفسير بعنوان " قبس من تفسير القرآن " في جزء واحد عن دارالتوحيد للنشر في مدينة قم المقدسة، كما وله عدة كتب مخطوطة لم تطبع بعد. و في مقدمة كتابه " الشروط " يشير الشهيد الى الاوضاع العسيرة التي أحاطت بالنجف، والظروف المأساوية التي عاشها العراق إبان الانتفاضة الشعبانية ولا زال، ووضعه الخاص ووضع الأسر العلمية، والحوزة الدينية عموما في تلك الايام العصيبة، عندما خضع مع والده المعظم للاقامة الجبرية في منزل الامام في الكوفة، وأكثر من ماءة من رجال الحوزة وأهله ومساعدي والده، مجهولي المصير منذ اعتقالهم من قبل السلطات والي اليوم، فيقول: قرائة المزيد...

خدماته الإجتماعية

كان مكتب سماحة المرجع الاعلى الامام الخوئي (قده)، يدار من قبل نخبة من المساعدين من ذوي القابليات الفذة والعلماء الافضال، يؤازرون أستاذهم ومرجعهم في القيام بأعباء المرجعية الثقلية. فمجال إدارة المكتب وتنفيذ الخدمات الاجتماعية وتفقد شؤون الامة ورعايتها، كان يتم باشراف نجله الاكبر سماحة حجة الاسلام والمسلمين المغفور له السيد جمال الدين الخوئي(قده) ولسنوات عدة وبعد إضطرار السيد جمال الدين الى مغادرة العراق الى سوريا إثر المضايقات المستمرة من قبل النظام الغاشم، إنبرى العلامة الشهيد السيد محمد تقي لسد دلك الفراغ فقام بدوره أحسن قيام. ومنذ توليه إدارة شؤون المكتب أخذ الفقيد على عاتقه أمر تطوير الخدمات الاجتماعية والرفع من مستواها، وانشاء المشاريع الكثيرة للاغاثة والرعاية، مع السهر على نجاحها، وتفقد العوائل التي فقد كفيلها، والشد من عضدها لمواجهة الاوضاع المأساوية الصعبة التي يمر بها العراق. كما قام بالاشراف على تأسيس المعاهد العلمية، والتأكد من حسن سيرها وتأمين حاجاتها، ولا يسع المجال لحصر المبادرات المجيدة والكثيرة في هذا المختصر، الا أن المعروف من أن الفقيد قام بعبء رعاية الأسر الجليلة من آل الحكيم وآل بحر العلوم وغيرها من العوائل الكريمة والأسر المحترمة وآلاف الفقراء والمحتاجين، حين زج برجالها في سجون الطاغية، فكان الفقيد هو الممثل الشخصي لوالده الامام الراحل في التفقد والرعاية على نحو يليق بشأنهم وكرامتهم. وفي أعقاب الانتفاضة الشعبانية وما جرى يومها – وما زال يجرى – على الكثير من العوائل الكريمة، لا سيما أساتذة وطلاب الحوزة العلمية الذين اعتقلهم النظام في بغداد، أخذ الفقيد على عاتقه مهمة رعايتهم وتفقد أحوالهم وتلبية حاجاتهم ما وسعته الظروف، رغم مشاغله ومشاكله الكثيرة وسخط النظام عليه جراء هذه الخدمات الانسانية.

دوره في الانتفاضة الشعبانية

وكما هو معروف فان فقيدنا الغالي كان في قلب الاحداث التي مرت بالعراق في خضم إنتفاضة الشعب العراقي ضد جرائم النظام، لما اندلعت نيران الانتفاضة في الجنوب وسيطرت على مدنها، الواحدة تلو الاخرى فكانت مدينة البصرة قد أشعلت فتيل الانتفاضة، ومدينة النجف الاشرف صعّدت ثورتها بعد أن تحررت تماما من براثن الطغمة الحاكمة وعصاباتها، خلال أقل من 24 ساعة من المطاردة والمبارزة من قبل رجال صدوقا ما عاهدوا الله عليه، ورسموا حريتهم بخطوط دم الشهداء الابرار، وأصبحت المدينة حرة بعد الساعة الثالثة من ظهر يوم الاثنين الموافق 4 آذار (مارس) 1991 م. وغمرت البهجة والغبطة قلوب النجفيين بعد ثأرهم لحريتهم التي سلبت، وشخصيتهم التي مسحت، ومقدساتهم التي انتهكت مذ زمن طويل، لكن شحوبا محيرا بدأ يظهر على وجوههم حول مستبقل مجهول بعد انسحاب السلطات التنفيذية للطغمة الحاكمة أمام جهاد فئة قليلة من الشباب المؤمن، تكاثرت وتنامت خلال الساعات الاولى للانتقاضة حتى عمّت النجف الاشرف ودخلت معظم بيوتاتها. في اليوم التالي الموافق 5 آذار (مارس) 1991، كانت الاخبار ترد في كل دقيقة وكل ساعة عن سقوط مدن أخرى قريبة وبعيدة، غير أن الابتسامة لم تدم طويلا وبدأ الوجوم بالظهور على الوجود، بسبب عوامل كثيرة لا مجال لذكرها. أصبح النجفيون في حيرة من أمرهم وصاروا يجتمعون للبحث عن مخرج بعد غياب السلطة التنفيذية وانفلات الامن في عموم أنحاء المدينة المقدسة، وتصاعد الامر ليعم المدن والمحافظات المحررة الاخرى القريبة والبعيدة عن النجف، حتى توجه كبار شخصيات المدينة ووجهاؤهم وشيوخ العشائر وآخرين الى سماحة آيةالله العظمى السيد ابوالقاسم الموسوى الخوئي رضوان الله تعالي عليه، ليشرف بسلطته الروحية، وما يحلته من مقام، ولحقيقة مكانته المعروفة، وموقعه في نفوس الناس، على استتاب الامن واستقرار الاوضاع. وتعاظمت أعداد الوافدين عليه تطالبه بالحفاظ على الارواح وممتلكات الناس، عندها أمر سماحته بتشكيل لجنة من تسعة أشخاص للقيام بادارة شؤون البلاد، كان حجة الاسلام والمسلمين السيد محمد تقي الخوئي نجل الامام الراحل أحد أعضائها، حيث قام بدور ريادي في الحفاظ على ممتلكات الناس وأرواحهم. حتى وقت اعتقال الامام مع جميع مساعديه وعلماء الجامعة العلمية في النجف الاشرف، من منزل نجله الشهيد الذي كان مقرا للقيادة الدينية والعسكرية، وأقتيد الشهيد الى مقابلة الطاغية صدام مع والده الامام رضوان الله تعالى عليهما، لكن الضجة العالمية والاستنكارات الدولية والدينية والشعبية، اضطرت النظام للافراج عنهما بعد ثلاثة ايام، إلا أنه ما كان لتحمل وجودهما، فدبر لكل واحد منهما بترتيب خطة إجرامية نكراء وقضى عليهما، فرضوان الله تعالي على روحيهما.
shahid

العمل المؤسساتي

في احدي سفراته الى بريطانيا نضجت لديه فكرة تأسيس مؤسسة اسلامية على مستوى عالمي، لتقديم الخدمات للمسلمين عامة ولابناء الطائفة الشيعية خاصة، وبعد جولات مفصلة من المشاورات مع جمع من العلماء، والشخصيات، ممن يتميزون بالنزاهة والتقوى والخبرة والاطلاع في مثل هذه الاعمال، تم التخطيط لانشاء ‘‘مؤسسة الامام الخوئي الخيرية ‘‘ وبعد عرض المشروع بتفاصيله على سماحة الامام الخوئي رضوان الله تعالى عليه، وبعد موافقة سماحته ومباركته وتوجيهاته القيمة، ووضعه الخطوط العريضة لقانونها الاساس ونظامها الداخلي، بعد التشاور مع عدد من أهل الخبرة والاطلاع في هذا المجال، والبحث في العقبات المنظورة والمستقبلية المحتملة، خصوصا وأن الفكرة لم يسبق لها نظير في المرجعايت السابقة، تم الاعلان عن إنشاء المؤسسة تحت إشراف المرجع الاعلى وعيّن العلامة السيد محمد تقي الخوئي أمينا عاما لها وبقي في هذا المنصب حتى استشهاده رضوان الله تعالى عليه.
كلمة الشهيد في حفل افتتاح مؤسسة لندن
shahid

اسفاره

مثل الفقيد الغالي والده سماحة الامام الخوئي، في كثير من المناسبات الدينية والاجتماعية على المستويات الشعبية والرسمية، في داخل العراق وخارجه وبالخصوص بعثاث الحج الدينية التي كانت تفد الديار المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وكان بتولى متابعة شؤون الطائفة في كل أنحاء العالم، ويقدم الخدمات للمؤمنين ولمقلدي سماحة المرجع، ويوفر التسهيلات لهم في أمورهم الدينية والدنيوية. فقد قام بسفرات تفقدية كثيرة الى مختلف بلدان العالم مثل الهند وباكستان وتايلند وماليزيا وبريطانيا وامريكا وغيرها، حيث كان يطلع خلالها على المشاريع الثقافية والاجتماعية والدينية، ويبحث مع القائمين عليها في كيفية مساهمة مكتب سماحة المرجع الاعلى في سد الثغرات وتسهيل الصعوبات.

شهادته

امتدت يد الغدر والخيانة الى الشهيد، حين نصب المجرمون كمينا له على الطريق بين كربلاء والنجف، في طريق عودته من زيارة جده الامام الحسين عليه السلام، حيث سحقت سيارته شاحنة كانت تنتظره على جانب الطريق العام ليلا من دون إنارة، لكي لا يراها المقبل من الجهة المعاكسة، ثم أشعلوا النار في السيارة التي كانت تقل الشهيد ورفاقه، وأخذت سيارة أخرى تابعة لأجهزة المخابرات كانت في الانتظار سائق الشاحنة ورجعوا به الى كربلاء، حسب رواية العشرات من الشهود الذين كانوا في الطريق ساعة وقوع الجريمة. وحين توقفت سيارات الزائرين لأخماد النيران، وأخراج الركاب من داخل السيارة، كان الشهيد مصابا بنزف في رأسه، وفي لحظات تم تطويق المنطقة بقوات من الجيش والامن التي كانت بالانتظار قرب مكان الحادث، وتمت محاصرة النجف، ومنع الناس من نقل المصابين الى المستشفى بحجة الانتظار لوصول سيارة الاسعاف، وبقى الشهيد ينزف في الشارع العام من الساعة الحادية عشرة والنصف من مساء يوم الخميس وقت وقوع الحادث وحتى الرابعة من فجر يوم الجمعة. كما منع أي من أهل الضحايا من رؤية الجثث أو الاطلاع على أسباب الوفاة في المستشفى، وقد عجّل النظام بدفن الجثث في اليوم نفسه ومن دون تشييع أو أية مراسيم معروفة وكانت الفاجعة التي أودت بحياة العلامة الشهيد السيد محمد تقي الخوئي، وقعت في أيام الذكرى السنوية الثانية لرحيل الامام الأب، رضوان الله تعالى عليهما. وكان مع الفقيد وقت وقوع الحادث، صهره ورفيق دربه العلامة الشهيد محمد أمين الخلخالي وطفله محمد الخلخالي الذي كان يبلغ من العمر ست سنوات، حيث استشهدوا جميعا كما استشهد معهم سائقه الوفي مناف عسكور (ابو حوراء) الذي كان يعاني بدوره من المضايقات المستمرة من قبل النظام. وهكذا فجع الاسلام بابن بار، حيث فاضت روحه الطاهرة فجر يوم الجمعة 12 صفر 1415 هـ الموافق 22 تموز (يوليو) 1994 م، ورقد الى جنب أبيه مجاورا امام المتقين على بن ابي طالب عليه السلام.
spacer
shahid